للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد هذه السرعة في تحليل الموضوع يعلم مدى انحراف منهج كتّاب - تاريخ الأدب - في القرنين الأخيرين في صحته واستقرائه وتحريه في الأمانة العلمية والبحث الموضوعي المجرد عن الهوى والعاطفة التي تكدر منهج النقد المتزن القائم على أسس وقواعد.

وبهذا ابتعدوا عن طريقة السلف الذين دونوا اللغة العربية، ودرسوها دراسة، لا تقتصر على الناحية الأدبية واللغوية فحسب، بل تجاوزوها إلى مرعات مسالك العقيدة، والأصول.. وأن مساس ذلك كله لتفسير القرآن ولاستنباط الفنون منه قضية أولية، ومقصودة بذاتها، في دراستهم هذه اللغة وأدبها، حتى تكونتا لديهم ملكة هي سفينتهم في بُعد الآفاق ودقة النظر! ...

وإذا كان ذلك كذلك، لا يمكن لأي باحث في آثارهم أن يحقق مذهبا، ويطرق أبواب النقد في المجال الفكري والبحث العلمي، اللذين ذللوا صعابهما، وقيدوا لنا أوابدهما، ووسموا الدخيل في كل ذلك، ووصفوا الأصيل منة، بأدلة ودراسة مهذبة ساطعة تجلو لكل شاكر وحسود.. لا يمكن بحث في آثارهم وهو مقطوع الصلة بأولئك النجوم الذين احتلوا عروش البراعة، وحملوا الأمانة العلمية إلى الأجيال المتتالية.

وأخص الخصوصيات في دنيا البحث "اللغة العربية" وكل ما يتعلق بها، مادة وأدبا، ذوقا وأسلوبا. وهي اللغة التي تحول يد التحريف والتمزيق أن تنال منها وتكدر من صفائها وتسهر عين الحسد لطمس آثارها وهجر مراجعها الأولى، ومصادرها المؤمنة "القرآن والحديث والنحو والصرف والشعر والنثر القديمان".