ولما تولى المأمون أنشأ مجالس الترجمة وجمع في بيت الحكمة كتب العلم بلغاتها اليونانية والسريانية والفارسية والهندية والقبطية فضلاً عن العربية.
ونرجح أن يكون بيت الحكمة هذا مجلساً للترجمة أو للنسخ أو للدرس أو للتأليف وربما كان يجلس النساخ في أماكن خاصة ينسخون فيها الكتب لهم ولغيرهم بأجر أو بلا أجر ولعل الأمر كان كذلك بالنسبة للمترجمين والمؤلفين والمطالعين.
ومن نساخ بيت الحكمة الذين ورد ذكر شيء عنهم في كتاب الفهرست علان الشعوبي [٧] وأصله فارسي يُقال أنه راوية عارف بالأنساب والمناظرات وأنه عمل نساخاً في بيت الحكمة للرشيد والمأمون والبرامكة. وينسب إليه كتاب (في مثالب العرب) .
وذكر أن محمد بن موسى الخوارزمي ويحيى بن منصور الموصلي صاحب الأرصاد في عصر المأمون والفضل بن نوبخت المنجم وأولاد شاكر وغيرهم كانوا من بين المترددين على بيت الحكمة للمطالعة أو التأليف.
ولا بد أن يكون لبيت الحكمة هذا قيم يديره يُسمى صاحب بيت الحكمة وممن يُقال أنه شغل هذا المنصب سهل بن هارون.
وكان في بيت الحكمة مجلدون إذ يقول ابن النديم:"إن ابن أبي الجريش كان يجلد في خزانة الحكمة للمأمون" ولقد بقيت هذه المكتبة إلى عهد ابن النديم ونقل عنها.
وجاء في دائرة المعارف الإسلامية أن أول مكتبة عامة هي مكتبة دار الحكمة التي أنشأها المأمون في بغداد وجمع لها الكتب اليونانية من الإمبراطورية البيزنطية وترجمت إلى العربية وكانت المكتبة تحوي كل العلوم التي اشتغل بها العرب وقد ظلت إلى مجيء التتار سنة ٦٥٦هـ.