وتبقى غامضة تلك الوسيلة التي استخدمها زعماء اليهود في أوروبة للتأثير على محمد علي باشا حتى استجاب للعفو عن هؤلاء القتلة المجرمين في أبشع صور الجريمة وهي (التآمر على خطف البشر الأبرياء الغافلين وذبحهم كالنعاج لشرب دمائهم) فهل كانت تلك الوسيلة التي استخلص بها يهود فرنسا من محمد علي باشا فرمان العفو بهذه السهولة ضغطاً سياسياً من بعض دول أوروبة ولا سيما فرنسا التي كان معروفاً أن محمد علي باشا يتلقى منها العون والتأييد في المجال الدولي، أو كانت تلك الوسيلة مبالغ مغرية من المال قدمها اليهود إلى محمد علي باشا وهو في حاجة إليها (كما هو شأن اليهود المعروف في الاعتماد على الرشوات المذهلة في شراء ذوي النفوذ أو السلطان لتسوية أمورهم وتمشية مقاصدهم وتغطية جرائمهم مهما عظمت) أو كانت تلك الوسيلة مركبة من الضغط السياسي الدولي والمال معاً؟ كل هذا محتمل ولا يعدوه الواقع.
والأغرب الأغرب أن محمد علي باشا لما جاءه هذان اليهوديان من فرنسا وطلبا منه إعادة المحاكمة أجابهما بأنه سيفعل خيراً من ذلك فاصدر فرماناً تضمن الأمر بالعفو عن المحكوم عليهم العشرة، الذين ثبت اشتراكهم بهذه الجريمة النكراء بالبيانات القاطعة الدامغة وباعترافاتهم الصادرة منهم بحضور بعض قناصل الدول الأجنبية (كقنصل بريطانيا، وقنصل فرنسا) في جلسات المحاكمة، وبدلالتهم على أشلاء وأشياء الضحايا التي، بعد ذبحهم إياها واستنزافهم دماءها، قطعوها وكسروا عظامها وقاموا بتصريفها!! ولكن اليهوديين المتشفعين (كراميو ومونتيفيوري) اعترضا على التعبير بالفرمان بلفظ (العفو) لأنه يشعر بأن العفو عنهم مذنبون فغير لهم محمد علي باشا صيغة الفرمان إلى تعابير أخرى لا تدل على ثبوت ارتكاب الجرم.