وتحمل أبو بكر رضي الله عنه مسئولية الخلافة والمسلمين وكان أحَقّ بنا وأهلها، فنفذ على الفور جيش أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما، الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبيل وفاته لتأديب قبائل قضاعة ومن والاها من الغساسنة الذين تصدوا للمسلمين في غزوة (مؤتة) فأشار عمر على الخليفة بإبقاء جيش أسامة بن زيد للدفاع عن المدينة ومقومة غارات المرتدين فأبى أبو بكر رضي الله عنه وقال قولته المشهورة:"ما كنت لأحُل رايةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وسكت عمر رضي الله عنه سكوت مُعترفٍ بالحق راضٍ به لأنه كان وقّافاً عند كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله علنه وسلم، ويعلمنا أبو بكر رضي الله عنه أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة في حياته وبعد مماته، في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر ويحذرنا من تعظيم المقاييس المادية {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} .
وفتنة الردة حادثة جدّ خطيرة لها أسبابها الجوهرية ومظاهرها الثانوية وأذكر المظاهر في الأسباب باعتبارها تبعاً للأسباب:
١- فداحة الخطب وعظم المصيبة أذهلاهم وأوقعاهم في نفي الوفاة عن رسوله صلى الله عليه وسلم لظنهم أنه ما أتمّ الرسالة أي تبليغها نظراً لأنها لم تعم الجزيرة العربية.
٢- التعصب القبلي الذي لازالت آثاره في نفوس بعضهم نتج عنه اتّباع مدعي النبوة كطليحة الأسدي ومسيلمة الكذاب. . . وهذا المرض النفسي الذي هو هوًى شيطاني يتحكم في نفس المصاب به فيخضعه لتنفيذ ما يُمليه عليه من شرٍ وفاحشة وخلق يأباه الذوق السليم، والهوى يُعتبر معبوداً من دون الله بدليل قوله تعالى من سورة الجاثية:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} .
٣- جهل البعض بحقيقة الإسلام الذي هو كُلٌ لا يتجزأ نشأ عنه منع الزكاة، وذلك لقرب عهدهم من الكفر والفوضى.