للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه فتكون أم متصلة معادلة للهمزة المحذوفة أيضا. ويحتمل أن يكون الكلام خبرا على سبيل التقريع وأم منقطعة بمعنى بل. والمعنى أنت متعاط للكبر بل أنت من العالين عند نفسك. وهذا على سبيل الاستخفاف والتوبيخ. وقوله: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} جواب للاستفهام وتعليل للمانع من السجود. ويجوز أن يكون استئنافا بيانيا. وقوله: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} مستأنف لبيان الخيرية كأنه سئل ما وجه الخيرية؟ فأجاب: خلقتني من نار وخلقته من طين، أو تعليل لما ادعاه من الفضل. وقوله: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا} الفاء فصيحة، والضمير في قوله منها للجنة. وإنما أتى بضميرها - وإن لم يسبق لها ذكر - لشهرة كونه من سكانها. وقوله: {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} تعليل للأمر بالخروج. أي لأنك مطرود من الجنة عليك الذلة والصغار. ولا تكرار بين قوله: {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} وقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} فإن الأول طرد من خصوص الجنة. والثاني إبعاد من عموم الرحمة. وقوله: {إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} ليس غاية للعنة تنتهي عنده بل للإيذان بأن اللعنة مع كمال فظاعتها ليست كافية في جزاء جنايته، بل إنه سيلقى يومئذ من ألوان العذاب وأنواع العقاب ما تنسى عنده اللعنة وتصير كالزائل. والفاء في قوله: {فَأَنْظِرْنِي} فصيحة كأنه قال: إذا جعلتني رجيما فأمهلني إلى يوم القيامة. والضمير في {يُبْعَثُونَ} لآدم وذريته, والفاء في قوله: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} لترتيب الإخبار بكونه من المنظرين على قوله: {َأَنْظِرْنِي} كما في قوله: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} . وكما في الشطر الأول من قول الشاعر:

فإن ترحم - فأنت لذاك أهل.

وإن تطرد فمن يرحم سواكا