وما أن عمرت مكة المكرمة بجرهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم حيث تركه إبراهيم بمكة مع والدته هاجر ونزل عليهما قوم من العرب وهم قبيلة جرهم وتزوج إسماعيل منهم وولد له وكثر أولاده وبعثه الله فيهم رسولا فعبدوا الله تعالى ووحدوه ولكن ما إن مات إسماعيل والصالحون من أولاده وأحفاده حتى عاد الشرك إلى العرب العدنانيين وغيرهم من القحطانيين في جزيرة العرب وأول ما عرفوا عبادة الأصنام والتماثيل كان من طريق عمرو بن لحي حيث حمل إليهم أصناما من أرض الشام فعبدوها تحت شعار التقرب بها إلى الله تعالى، والاستشفاع بها لدى الله عز وجل إذ قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، وقالوا {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ، كما هو مبين في القرآن الكريم وبعث الله رحمته إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى عبادة الله وحده وخلع كل ما يعبد سواه وبعد صراع مرير وعراك طويل عرفه الناس أجمعون نصر الله دعوته ورسوله وعباده الموحدين وامتد ظل التوحيد الخالص فغمر أصقاعا شاسعة من المعمورة وعاش المسلمون في الشرق والغرب زمناً موحدين مخلصين لا كدر في قلوبهم ولا غبار على عقيدتهم.