الدين نعمة على الفرد والجماعة، راحة للنفس لأنه يساير فطرتها، ويوافق طبيعتها، وهناءة للمجتمع لأنه يقوي روابطه، ويوثق علائقه، ويزكي عواطفه، ويسير به قُدما نحو الخير والفضيلة.
الدين هو الذي يحرك مشاعر الإنسان نحو إخوانه المنكوبين وزملائه البائسين فيسارع إلى نجدتهم، ويخف إلى معونتهم ويضحي بجزء من ماله في سبيل هناءتهم.
الدين هو عماد التربية وحصن الفضيلة، ويكفي أن دعوته دعوة حارة تمتزج بالعاطفة وتختلط بالقلب وتسري في حنايا الضلوع، وتخالط اللحم والعظم، وذلك لأنها تتأسس على الإيمان بالله، وتقوم على محبته ومرضاته وتربط بين العمل والجزاء الدنيوي والأخروي فمن فاته الجزاء في الدنيا لم يفته في الآخرة.
إن أساس الدين هو الإيمان بالله، إيمان الناس بأنه ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .
إن هذا الإيمان إذا تحكم في القلب وسيطر على شعور الإنسان واستولى على أحاسيسه ومشاعره حال بينه وبين الجريمة في السر والعلن طمعا في الثواب أو خوفاً من العقاب أو حرصاً على رضا الله ونيل محبته فالدين لا ريب أعمق أثراً وأعظم نفعاً وأكثر فائدةً.
فهو يؤدي وظيفته في جميع الظروف والأحوال ... يرقى بالفرد والمجتمع إلى أعلى درجات الكمال، ويحمي حمى الدولة من كل خطر يعرضها للزوال: الدين جندي أمين وحارس يقظ يؤدي واجبه في الليل والنهار في الخفاء والعلانية.