٣- ضعف الصلة بين الأساتذة والتلاميذ إذا كان هنالك أساتذة بالمعنى الحقيقي، فقد حولت الجامعات والمعاهد العلمية حتى الدينية الإسلامية منها من أسر مؤتلفة يسود عليها الإخاء والتعاون، والحب والرقة، يوقر فيها الكبير ويُرحم فيها الصغير إلى طبقات متنافسة لا تلتقي إلا على الأغراض والاستغلال، وصلة المعلم بالتلميذ صلة سطحية مؤقتة لا تتجاوز الفصول والدروس.
٤- عدم وجود رسالة يؤمن بها الشباب ويتحمسون لها، ويتفانون في سبيلها، ويتشرفون ويتظرفون بحملها والاعتزاء إليها، وعدم وجود دعوة تشغلهم وتستحوذ على مشاعرهم وتجعلهم بمأمن من أن يكونوا فريسة لدعوات أخرى فلا سبيل إلى تأمين شباب متفتحي القلب والعقل من الوقوع في شباك الدعوات والفلسفات إلا أن يُحوّلوا إلى دعاة أصحاب عقيدة ومبدأ، ولا سياج للقلب ولا حارس له أفضل من الحب، فإن الحب إذا وقع في القلب واستولى عليه منع من أن يغزوه حب آخر و {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} .
٥- عدم وجود العاطفة القوية الدافقة، والإيمان الملتهب، وقد عجز العلم - في تاريخه الذي دُوّن وعُثر عليه- عن أن يقاوم المغريات المادية والنزوات النفسية، كما عجز مقدار من العقل عن مقاومة الفتن الداخلية والخارجية، بل كانت وظيفة العقل مقصورة على تهيئة الدلائل العلمية والمبررات العقلية لما يزين له الشيطان وتجنح إليه النفس، وإن دوره في مثل هذه المواقف دور المحامي الحاذق والحقوقي البارع الذي يدافع عن كل قضية في لباقة ومهارة، وفي براعة وبلاغة، وخبرة دقيقة بالقوانين والحقوق.