كما نجد تفسيرات متعسفة وتوجيهات لأحداث تاريخية هامة انتصاراً لفكرة فاسدة وتأييداً لمذهب باطل..إلى آخر ما هنالك من صور التشويه والدس على تاريخ المسلمين مما لا يمكن حصره في هذه المقدمة لهذه المحاضرة..إلا أن الذي أريد أن أقوله: إن هذا النوع المشوه من كتب التاريخ قد كثر كثرة فاحشة في هذه الأيام، مما بات معه من الضروري جداً أن ينهض المسلمون لكتابة تاريخهم من جديد، فإن التاريخ الإسلامي، لم يكتب بعد كما يجب أن يكتب، ولم ينل العناية الكافية من أبنائه، بل لعلّي لا أبالغ إذا قلت أن تاريخنا الإسلامي اليوم لم ينل الحد الأدنى من العناية به من المسلمين، ومن ثم لا يوجد أمامنا منه سوى المؤلفات الضخمة التي وضعها علماؤنا الأفذاذ على طريقتهم التي لا تصل إلا للمختصين والباحثين، كما سنشير بعد قليل إن شاء الله تعالى. ونوع آخر من كتب التاريخ وهو ما عنيته بالذكر مما كتبه المستشرقون أو تحت إشرافهم المباشر أو غير المباشر وبتوجيه من دوائرهم بشتى طرق التوجيه التي أقلها ألا يصبر المؤرخ المحدث على المؤلفات القديمة أو لا يحسن البحث فيها، فلا يجد مرجعاً له سوى ما وضعه المبشرون ومؤسساتهم فيعتمدها ومن ثم تتسرب توجيهاتهم وأغراضهم إلى ما يكتب ويؤرخ، ويستنتج ويقرر، والأمثلة كثيرة على هذه الأنواع كلها..
أمام هذه الافتراءات على التاريخ تارة، والتنكر لحوادثه والتغيير والمسخ في حقائقه تارة أخرى والتفسيرات المتعسفة لوقائعه والعرض الماكر لأحداثه تارة ثالثة نجد أنفسنا مضطرين للتمييز بين الواقع التاريخ كما حدث ووقع بالفعل وبين ما كتب عنه وسمي تاريخاً!.
إلا أننا نجد أنفسنا أمام سؤال يطرح نفسه وهو: كيف السبيل للوصول إلى الواقع التاريخي كما حدث ووقع بالفعل؟