٢- أما الحقيقة التاريخية الثانية فهي تعاون القوى الكافرة ومعسكراتها ضد الإسلام والمسلمين.. وهذا ما كشف عنه الكتاب والسنة أيضاً في أكثر من آية وحديث.. وبأكثر من أسلوب تصريحاً وتلميحاً.. من ذلك جمع الكفار كلهم في سياق آية واحدة، والحديث عن مرادهم في المسلمين وموقفهم منه مما يدل على وحدة بواعثهم وأهدافهم تجاه الإسلام والمسلمين، وكذلك وحدة مواقفهم كقوله تعالى - على سبيل المثال لا الحصر:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}(البقرة: ١٠٥)[٣] .
أما الواقع التاريخي فقد ترجم هذه الحقيقة وأظهرها خلال الأربعة عشر قرناً من الزمان "لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد" وما يزال يظهرها اليوم ويبينها أجلى ما يكون بياناً..
وهذه الحقيقة التاريخية وسابقتها تحتاج إلى محاضرة مستقلة إن لم يكن أكثر من محاضرة، وأرجو أن أوفق لذلك في المستقبل بإذن الله تعالى. وهذه إشارات خاطفة على سبيل المثال لا الحصر:
أيها الأخوة: كلنا يعلم الحروب الطويلة الأمد التي كانت بين الفرس والروم، وأن هذه الحروب توقفت فجأة بظهور الإسلام وتحولت القوتان المتخاصمتان دهراً طويلاً إلى قوتين متعاونتين ضد الإسلام والمسلمين..فحارب المسلمون على الجبهتين الفارسية والرومية في وقت واحد ونصرهم الله تعالى عليهما..