للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حرصت الدعوة الإسلامية تثبيت هذه الحقائق، لأنها جاءت لتحطيم الطواغيت، ورفع ظلم الإنسان للإنسان وعدوانه عليه، وفي الوقت ذاته جاءت لتحرير الإنسان من عبادة الإنسان، والأخذ بيده قائلة له:

"انظر إلى الأعلى... انظر إلى السماء وما فيها... وتأمل هذه القبة الرائعة اللامعة، تأمل كيف يبدل الله حالا بعد حال، صباح ومساء، وإشراق وإعتام، وليل ونهار، وقر وحر، ومطر وصفاء فسبحان الواحد الخلاق، وسبحان المبدع العظيم الذي ليس كمثله شيء".

ولما كانت الدعوة السلفية قوامها غرس مبدأ "الالتزام"وهو يقوم على التشبث بالحقيقة، والميل إلى الالتزام الواقع، واستخدام الصدق بلا افتعال أو تصنع، وبدون مبالغة، فقد امتد هذا المفهوم إلى المجتمع السلفي - كما نرى -.

فلا بيه، ولا أستاذ، ولا مولانا، ولا سيادتك، ولا عظمتك، واختفت هذه الألقاب من فم السلفي العادي يعيش في السوق وفي الشارع وفي البادية بعيدا عن المؤثرات الوافدة.

وإني لأنقل هذا المشهد الحي الذي وقع أمامي. ها نحن نتزاحم في سيارة الأتوبيس بعد صلاة التراويح في البيت العتيق في طريقنا إلى منازلنا، ولكن سيارة فاخرة تمرق بجوار الأتوبيس وقد استرعت السيارة أنظار الركاب لأنهم تعرفوا على شخصيات معينة فيها. وبدأ الحوار عن هذه الشخصيات فقال شاب: "إن هذا أحمد. ورد عليه آخر وقال: لا إنه فواز. وعلق الأول قائلا: لا إن فواز على سفر وأحمد هو الموجود". وكان الراكبون قد تعمدوا المرور في مناطق الزحام ليشرفوا بأنفسهم علة تنظيمه، وليتخذوا أسبابا لتلافيه، وقد بدأت تباشير العيد تلوح من خلال الأيام الأخيرة من رمضان المبارك.

وعرفت من فحوى الحديث أنه يدور عن أمراء مكة ولكني لم أسمع واحدا يسبق بلقب ما... الحوار يدور بالأسماء المجردة بدون ألقاب في سماحة إسلامية وبساطة أخوية واقعية سلفية التي تلزم بالوحدانية لله وحده.