وسوف أظل أصغي إلى ما ترجيه في أولادك من مستقبل شامخ البنيان، ثابت الأركان، وأستمع إلى ما ترسمه لهم من خطط حياة طويلة عريضة، ودراسات علمية متخصصة عالية، وسوف أضرع إلى الله مخلصا، كلما طاف بي طائف من أولادك، أو رن في أذني صدى صوت من كلماتك - أن يجعل فيهم الولد الصالح الذي لا ينقطع به عملك بعد الموت، ويخلفك على المنبر في وعظ الجماعات - فنحن في أيام قد أغطش فيها ليل الفتن، فعميت على الناس الطريق، وعصفت بقلوب كثير منهم عاصفات انحراف وأعاصير ضلال.
سر ياصديقي على الدرب الذي أحببت، وإني لأسأله تعالى صادقا أن يهب لك الذرية على الصورة المرجوة التي رسمت، فيكون فيهم الطيب الحاذق الذي يعالج المرضى وقد جعل همه الأول ابتغاء مرضاة الله وثواب الآخرة، لا زهرة الدنيا ولا زينة الحياة، قد اتخذ له عيادة في وطن من أوطان المسلمين، لا يطير إلى بلد من بلاد أوروبا وراء فتاة جميلة لعوب قد ملكت حبه، ولا إلى بلد من بلاد أمريكا طمعا في ثروة واسعة تملأ جيبه. ويكون فيهم الجندي الشجاع الذي يخوض غمرات الحرب إعلاء لكلمة الله، أو دفاعا عن أرض يذكر فيها اسمه، لا أن يكون جندي زينة في عراض المواكب، أو شاكي سلاح تسيل على حده لهوات تنطق بالحق.
وتكون فيهم الفتاة المتعلمة المهذبة التي أكبر همها زوج صالح يكون لها منه رجال صالحون ونساء صالحات، ليست بعارضة أزياء في الغدوات والروحات، ولا بمبدية لحما غضا غريضا لجياع القطط عاى أرصفة الشوارع.