لقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من تقليد اليهود والنصارى واتباع سننهم والركون إليهم، وخوفنا عاقبة ذلك؛ ومما قال:"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة" وقد ورد هذا الخبر مورد الذم والنهي والتقبيح، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "يا معشر المسلمين هذا تاريخ بني إسرائيل أمامكم، وهذه عقوبات الله عليهم تتوالى إلى يوم القيامة، وقد كانوا يوما ما أفضل العالمين، فلا تكونوا مثلهم فيعاقبكم كما عاقبهم، ولا تقولوا إن الله قال عنا:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية١١٠) فليست الأفضلية ملكا ثابتا يتوارثه الأحفاد عن الأجداد كما يزعم اليهود أنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وإن الأفضلية توحيد الله وطاعته، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشهادة الحق القيام بالدعوة، وبالاختصار تطبيق شرع الله كاملا.
والواقع المؤلم يشهد أن المسلمين استدبروا كتاب الله وسنة رسوله إلا القليل منهم، واتبعوا السبل التي سنها وخططها لهم شياطين اليهود وطواغيتهم فاستحقوا هذه العقوبات المتوالية عليهم في أكثر أرجاء العالم، ولن يغير الله عليهم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وتغيير ما بالنفوس لا يكون إلا باقتلاع جذور مفاهيم مغلوطة عن الذين وزرع بدلها جذور الفطرة الإسلامية الصافية التي أشرقت على الرعيل الأول وفتحوا العالم بها. تغيير ما بالنفوس أن ننتقل من مرحلة سرد المعلومات الدينية الصحيحة واختزانها في الذاكرة واستظهارها على اللسان إلى مرحلة تطبيقها على أنفسنا وأطفالنا، وبذا نخالف اليهود الذين قال الله فيهم:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(البقرة:٤٤)
وقد وعظ الواعظون وذكر المذكرون بهذا طويلا، فهل آن أن نذَّكَّر؟.