رُوّع المسلمون بنبإ وفاة فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية بيد معتدٍ أثيم، وقد كان لهذا الحادث الجلل وقع أليم هزّ قلوب المسلمين وفجعهم بأعظم رجال هذا العصر الذي كان أمل الأمة الإسلامية وقائدها وحكيمها الذي وهبه الله لها في عصر ندر فيه الرجال المخلصون الأكفياء للقيادة بإيمان وحكمة وبصيرة، فعمل رحمه الله عملاً دائباً متصلاً لعزة الإسلام وجمع شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم في كافة المجالات، وبذل كل ما يملك من المواهب والإمكانيات في صراع أعداء الإسلام.
لقد عاش فيصل رحمه الله معظم هذا القرن الرابع عشر، وعاصر الأحداث الخطيرة والمؤامرات التي تعرض لها الإسلام والمسلمون من إلغاء الخلافة وتمزيق الأقطار الإسلامية، واغتصاب اليهود فلسطين.. إلى غزو المسلمين اجتماعياً وفكرياً بالعادات والعقائد والمبادئ الهدامة، فعمل رحمه الله على إتمام ما بدأ به والده العظيم عبد العزيز رحمه الله من توطيد نظام المملكة العربية السعودية والنهوض بها علمياً وعمرانياً مع الحفاظ عل ما امتازت به هذه الدولة الإسلامية على غيرها من إقامة الحكم الإسلامي وتطبيق الحدود الشرعية، والتزام العمل بالكتاب والسنة، فكانت هذه المملكة التي ترفرف على علمها الخضر كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) نموذجاً نادراً بل عديم النظير في أمنها واستقرارها وهيبة الحكم فيها ونشر العدل بين رعيتها، مع الحرية والكرامة والرخاء.