للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان بعض السلف ظن أن الخمر تباح للخاصة، متأولاً قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} , فلما رفع أمرهم إلى عمر بن الخطاب وتشاور الصحابة فيهم اتفق عمر وعلي وغيرهما من علماء الصحابة رضي الله عنهم على أنهم إن أقروا بالتحريم جلدوا، وإن أصروا على الاستحلال قتلوا.

وهكذا حشيشة العشب من اعتقد تحريمها وتناولها فإنه يجلد ثمانين سوطاً أو أربعي. هذا هو الصواب, وقد توقف بعض الفقهاء في الجلد، لأنه ظن أنه مزيلة للعقل، غير مسكرة، كالبنج ونحوه مما يغطي العقل من غير سكر، فإن جميع ذلك حرام باتفاق المسلمين إن كان مسكراً ففيه حد الخمر، وإن لم يكن مسكراً ففيه التعزير بما دون ذلك, ومن اعتقد حل ذلك كفر وقتل, والصحيح أن الحشيشة مسكرة كالشراب، فإن آكليها ينشون بها، ويكثرون تناولها بخلاف البنج وغيره، فإنه لا ينشي ولا يشتهي، وقاعدة الشريعة أن ما تشتهيه النفوس من المحرمات كالخمر والزنا ففيه الحد وما لا تشتهيه كالميتة ففيه التعزير (والحشيشة) مما يشهيها آكلوها, ويمتنعون عن تركها, ونصوص التحريم في الكتاب والسنة على من يتناولها كما يتناول غير ذلك، وإنما ظهر في الناس أكلها قريباً من نحو ظهور التتار فإنها خرجت، وخرج معها سيف التتار".