للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس الغرض من هذه الدراسة أن يكون المدرس مستعبداً لها مقيداً بها، وإنما الغرض أن يستعين بها ويجربها، ويطبقها مرة بعد مرة، ليصل إلى ما يراه مناسباً لتلاميذه، وقد يزيد في بعض الطرق وقد يختصر، وقد ينوع في استعمالها من موقف إلى آخر. وبهذه الدراسة يا بني تستطيع أن تعرف أشياء كثيرة من خصائص الطلاب الجسمية والعقلية والنفسية التي تساعدك على النجاح في تدريسك، وتساعدك على فهم الدوافع التي تكمن وراء تصرفات بعض الطلاب، قد تبدو غريبة لبعض المدرسين، فيظنونها حيناً تمرداً وعصياناً، ويظنونها حيناً كسلاً وعبثاً وضعفاً، وما هي في واقع الأمر من هذا ولا ذلك في شيء.

وإذا كان المدرس قوياً في مادته ذكياً ذا اطلاع جيد في التربية وعلم النفس وطرق التدريس، محباً لطلابه حريصاً على إفادتهم، إذا كان على هذه الصورة استطاع بسهولة أن يختار الطريقة المناسبة لطلابه ومادته، دون أن يضيع وقتا طويلا أو يقوم بتجارب كثيرة.

واختيار الطريقة المثلى من أعظم صفات المدرس الناجح، ولقد قال أحد رجال التربية: إن الطريقة الصحيحة في التعليم تطيل العمر، ومعنى هذا أن الطرق الصحيحة توفر الوقت والجهد على الطالب، فيزداد انتفاعه بأيام حياته، ويجني الفهم الكثير والعلم الغزير في زمن قصير، وبذلك تصبح حياته مضاعفة الفوائد عظيمة الأجر.

ولست الآن يا بنيّ بحاجة إلى أن أعرض عليك طرق التدريس وما فيها من محاسن ومساوئ وأن أبين المجالات الصالحة لكل طريقة، فهذا شيء سوف تدرسه إن شاء الله فيما بعد، غير أن هناك ما لا أستطيع إلا أن أعجل به، هناك يا بني ثلاثة أشياء، لا تكاد تخلو منها أية مادة، أو يتجافى عنها أي درس جديد.