إذا علمنا ذلك واعتقدناه تخلصاً من شبه التأويل وعماوة التعطيل وحماقة التشبيه والتمثيل وأثبتنا علو ربنا سبحناه وفوقيته واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته والحق واضح في ذلك والصدور تنشرح له فإن التحريف تأباه العقول الصحيحة مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره والوقوف في ذلك جهل وعي مع كون الرب تعالى وصف لنا نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها فوقوفنا عن إثباتها أو نفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها فما وصف لنا نفسه بها إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا ولا نقف في ذلك وكذلك التشبيه والتمثيل حماقة وجهالة فمن وفقه الله تعالى للإثبات بلا تحريف ولا تكييف ولا وقوف فقد وقع على الأمر المطلوب منه إن شاء الله.
ليس لله مثيل أو شبيه لا في ذاته ولا في صفاته وأفعاله
والذي شرح صدري في حال هؤلاء الشيوخ الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء والنزول بنزول الأمر واليدين بالنعمتين أو القدرتين هو علمي بأنهم ما فهموا من صفات الرب تعالى إلا ما يليق بالمخلوقين فما فهموا عن الله استواء يليق به ولا نزولا يليق به ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف ولا تشبيه فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه وعطلوا ما وصف الله تعالى به نفسه ونذكر بيان ذلك إن شاء الله تعالى.