للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الدلالة من النص السابق أن الكافر - ولو كان والداً - تجب معاداته في الله وبغضه فيه، ولكن لا يتخذ لتلك المعاداة وسيلة غير مشروعة، وهي حرمانه من حقه فكما لا يطاع في معصية لا يحرم من بر ولده به ومصاحبته في الدنيا معروفاً وشنآن الكافر لا يجيز ظلمه قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى..} .

فالعدل واجب على المؤمن لعدوه الكافر والظلم محرم عليه.

وهكذا نجد المؤمن متقيداً في أعماله ومعاملاته بما هو مشروع لأن عقيدته حددت له الوسيلة كما حددت الهدف، فلا ظلم ولاغش ولا كذب ولا زنا ولا سرقة ولا تسلط ولا أي نوع من أنواع المحرمات فإن ارتكب شيئاً من ذلك عاد إلى الله تائباً نادماً مستغفرا.

والكافر لا يتورع عن اتخاذ أي وسيلة توصله إلى مراده حلالا كانت أم حراماً المهم عنده أن يقضي وطره.

وقد جسم ذلك مكيافلى في قاعدته الظالمة الآثمة التي صارت لأعداء الله دستور حياة، وهي: (الغاية تبرر الوسيلة) ، ومعنى ذلك أن الشخص إذا قرر الوصول إلى هدف ما فله أن يتخذ للوصول إلى هدفه أي وسيلة دون نظر إلى شرعيتها أو عدم شرعيتها، نافعة كانت أم ضارة، فله أن يكذب ويغش وينافق ويسفك الدم ويغصب المال وينتهك العرض.

والسبب في هذا المسلك المشين عقيدته التي تبيح له الخروج على سنن الخالق وأوامره ونواهيه، ولهذا قال أهل مدين في ردهم على نبي الله شعيب - كما حكى ذلك عنهم القرآن -: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} .

وهكذا نجد الكافر يقدم على أي عمل يريد غير متقيد بأمر ولا نهي، فيقتل بدون حق، ويغصب ويسرق ويشرب الخمر، ويأكل الميتة ويرابي مستحلا كل ذلك وغيره من أنواع المعاصي، لأن عقيدته أطلقت له العنان.

التوحيد