ولا شك أن الدعوة الإسلامية اليوم تتطلب هذا النوع من الترجمة في حوارها مع العالم في كابوسه الجاهلي لنشر الفكرة الإسلامية، وإيصال العنصر الإسلامي إلى أمم الأرض الحائرة التائهة.. كما أن الإسراف في الترجمة هذه ليس في صالح العربية لتكون لغة إسلامية عالمية يدين لها كل مسلم بالحق والأولوية إلى نفسه، وتأخذ طريقها إلى مقاليد العلم والفكر والاقتصاد والاجتماع والسياسة في كافة الدول الإسلامية وشعوبها، ليكون ذلك وسيلة لحاكية الإسلام في ربوع العالم الإسلامي وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
إذا كان الأمر كذلك، فالترجمة المعوية للقرآن وكل ما هو إسلامي وعربي ونقل ذلك إلى لغات للأجانب أو إلى لغات لإخوة من الشعب الإسلامي الكبير، ذات حدين، عندما نمعن النظر فيها من خلال الحقائق الإسلامية التي جاوزت القرون وعبرت جسوراً من المصاعب، حتى وصلتنا في يومنا هذا والحقيقة الكبرى التي لا يساورنا فيها تردد وهي: أن الإسلام عربي اللسان فلما كان ذلك تحولت لغته الخالدة هذه من كونها لغة شعب وشعوب الدنيا في فترة من الزمان، إلى كونها لغة دينية لها طابع رباني، مختارة لتكون لغة للعالم من بين اللغات حتى نهاية الدنيا بل وفي الحياة الأخروية، كما اختير رجل واحد من بين الناس ليكون رسولاً للعالم كافة، حتى يوم الدين، وهي كفيلة بكل ما يطلبه العالم أدبيا ولغويا وحضاريا، كما أن رسالة الإسلام كفيلة بكل ما يطلبه البشر من حماية ورفاهية حضارياً.
هذا وإننا نؤمن إيماناً صادقاً ونجزم: أنه لا قرآن بلا عربية ولا علا جديا يظهر الإسلام في حقيقته في الحياة إلا بالعربية... فلتكن إذا الترجمات المعنوية مقدمات فقط يحدد لها وقت أقصر من سلافه الذباب، ريثما تبرز الشعلة العالية في زينتها الساحرة وقوتها العامرة، إنها أداء رسالة الإسلام وقرآنها بالأسلوب الذي نزل به وأعطى به.