أما الفكر التربوي فينبغي أن يتطور، ولعله قد آن الأوان ليتجه التربويون العرب والمسلمون نحو فكر تربوي إسلامي مستقل تبرز فيه خصائص التربية الإسلامية ومصادرها في منهج أساسه القرآن والسنة وآراء المربين العرب والمسلمين، فإننا ما زلنا منذ أوائل هذا القرن نعيش في المشرق العربي على فكر تربوي مستور من الخارج.
وكثيراً ما كنت أسائل نفسي ورفاقي ونحن ندرس التربية وعلم النفس أنحن بحاجة مثلا إلى أن نستورد من الخارج تهدئة الانفعالات وتعلية الغرائز، وتقوية الإرادة، والله قد أنزل فينا الشفاء والهدى والرحمة: القرآن العظيم، وبعث فينا المثل الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق بقدوته وسننه وفعله وقوله؟ إن إخواننا وأبناءنا الذين بعثوا إلى الخارج مسلكيين قد عادوا بحمد الله مسلكيين سلوكيين لقد قال بعضهم بعد أن عاد من الخارج: يجب أن نعرف أبناءنا في كليات التربية من معلمي الغد ـ من غير تعصب أن كل مدارس التربية القديمة والحديثة في أوربا وأمريكا قد رسمت أمثلة متناقضة باعتراف أهلها، وهي مع هذا التناقض قد عجزت عن أن تحول المثال إلى واقع، وعلى العكس من ذلك تماماً فإن التربية الإسلامية بمنهجها المتكامل قد حققت ما يشبه المعجزات في تكوين الجيل المسلم الأول.
ثم إلى متى سنظل ننتزع أبناءنا انتزاعا من أحضان الفكر الإسلامي لتعلقهم في آفاق غربية لا يرون فيها إلا أشباح (روسو) و (بستالوتزي) و (ديوي) و (فرويد) وغيرهم.
ولعل الاتجاه إلى منهج إسلامي تربوي هو بعض ما تهدف إليه المادة ٣٩ من سياسة التعليم وهي تنص على:
(تكوين الفكر الإسلامي المنهجي لدى الأفراد ليصدوا عن تصور إسلامي موحد فيما يتعلق بالكون والإنسان والحياة وما يتفرع عنها من تفصيلات) .
وأخيراً الأستاذ أولا والمربي أولا.
الذين اهتموا مشكورين برسالة الجامعة، وعنوا بها حتى عقدوا لها مؤتمرا بذل فيه جهد ووقت ومال.