إن الأستاذ الربيع أطلق على ممدوحه (طه حسين) نعوتاً قل أن تصدق في شخص مهما كان، بل قد يستحيل تحققها إلا في الخيال أو في نبي من أنبياء الله ومن سلك سبيلهم من أئمة الهدى فكيف بزنديق مارق ودجال منافق، وملحد زائغ وعميل مبالغ، فقد كان الواجب أن يغنى منه موقف المسلم الغيور والمجاهد المخلص لربه الناصح لأمته، موقف الرجل الشجاع الذي لا يجامل الناس على حساب عقيدته أو على حساب أمته وأفكار شبابها الذين ينتظرون منه توجيها سليما، وإنارة للطريق أمامهم، وكشفا لشبهات المشبهين وزيف المزيفين وتعرية للمغرضين المنافقين المندسين في الصفوف والجالسين على كراسي التربية والتوجيه لينفذوا مخططات الأعداء وليضلوا عن سبيل الحق ويصرفوا الناشئة عن طريق الهدى، فهذا هو الواجب وهذا هو المعقول وهو المنتظر ولكن الواقع مع شديد الأسف - جاء على العكس فإننا لا نعلم أحداً من أدبائنا ومفكرينا وقف من مثل (طه حسين) الموقف الذي يتناسب مع موقفه هو من ديننا ولغتنا وتاريخنا سوى (مصطفى صادق الرافعي) رحمه الله وإن كان بعضهم قام ببعض الواجب مثل الدكتور (محمد محمد حسين) في كتابيه (الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، وحصوننا مهددة من داخلها) فإنه بذل جهداً لا بأس به لكشف حقيقة هذه الدمية المسماة (طه حسين) والملقبة ب- (عميد الأدب العربي) بل إنه استطاع بما قام به من هذا الكشف أن يثبت لمن قرأ كتابيه أن الخداع وأساليب المكر لا تنطلي على كل الناس، بل إن فيهم من يسبر الأمور ويعرف المقاصد ويستجلي الحقائق.