للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الدكتور فارستوس للشاعر الإنكليزي مارلو فهو إنسان يبيع نفسه لإبليس لقاء أن يكون له كل ما يريد ويشتهي خلال فترة زمانية محددة، ويستهوي صورة الفردوس المفقود وصورة إبليس متمرداً على أمر ربه فيراه جلال صادق العظم أول الثائرين المتمردين من (الجيل الغاضب) لأنه لم يقبل حكم الله، أو بالأحرى لأنه كان له طمعه وجشعه غروره ما جعله ملعوناً في الدنيا والآخرة، من هذه الصور يتخذ جلال لبوساً للدين الإسلامي، ويدعي أن هذا هو الدين الإسلامي الذي يرى فيه سبباً لنكسه حزيران، ومن ثم يجد أن طريق إبليس هو طريق الخلاص والتحرير.

وينتهي جلال صادق العظم إلى بيت القصيد ليقيم من المادة إلهاً يملأ الزمان والمكان، والناس فيه دمىً تسير بلا هدف ولا غاية ولا حرية، وما كان أجدره أن يثور على ذلك العالم القميء الذي لم يترك له من إنسانيته شيئاً.

ويظهر لنا مما سبق أن كلاً من نزار وجلال كانا غريبين في فكرهما وتصورهما عن حقيقة ما يتعرضان له ويجترئان عليه ألا وهو الإسلام، والإسلام من ذلك كله براء، فهما كانا يكتبان لإنسان الغرب الذي تتبرأ منه المسيحية نفسها.

وأما الصورة الحقيقية لواقعنا ما يلي:

إن الله اصطفى رجلاً من البشر اسمه محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وسلامه، فحمَّله عبء الرسالة وثقل الأمانة، فوقف صلى الله عليه وسلم يدعو للإسلام الذي جعل الله به للإنسان قيمة وللحياة معنى وغاية وللتاريخ كياناً، نظام رباني تناول الحياة وما بعدها، والكون وما حواه، والمسلمون موحدون يصدقون الحديث ويؤدون الأمانة، ويصلون الرحم ن ويحسنون الجوار، ويكفون عن المحارم والدماء، يعبدون الله لا يشركون به شيئاً ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويصومون رمضان وذلك دين القيمة.