٣- إن نتائج غزوة بدر أحزنت قريشاً، وعذبتهم عذاباً معنوياً أليما، وذلك أنه لما تحقق أهل مكة من نتائج بدر ناحوا على قتلاهم، وقطعت النساء شعورهن، وعقرت خيول كثيرة ورواحل [٤] وكان يؤتى براحلة الرجل منهم أو بفرسه فيجتمع الناس حولها ويأخذون في البكاء [٥] ثم تناهوا عن البكاء كيلا يسمع ببكائهم المسلمون فيشمتوا بهم، كما تناهوا عن السعي في فداء أسراهم كيلا يأرب المسلمون في فدائهم هم ... فكان إمساكهم عن البكاء، وبقاء أسراهم في أيدي المسلمين مما زاد في عذابهم المعنوي حتى كادت أكبادهم تنصدع، لأن البكاء على الميت مما يبل فؤاد الحزين، وكذلك عودة الأسرى مما يخفف المصاب.
والخلاصة أن غزوة بدر قد هزت قريشاً هزة نفسية عنيفة، وأذهلتها أيما ذهول، وآلمتها إيلاماً معنويا بليغاً، وفي مقابل ذلك جعلت المسلمين يحيون في آفاق نفوسهم بالعزة وارتفاع المعنويات، وزيادة الثقة بالنصر الذي هو آت.
ب: الناحية الاقتصادية:
من المعلوم أن حياة قريش تقوم - في معظمها - على التجارة، ولتجارتها رحلتان أساسيتان، رحلة الصيف إلى الشام، ورحلة الشتاء إلى اليمن، وإن كلتا الرحلتين تكمل الأخرى، فليس لأحدها - وحدها - كبير جدوى على قريش لأن البضاعة التي يؤتى بها من الشام تحمل إلى اليمن، والعكس بالعكس...