لقد أودت معركة بدر بعدد من كبار قادة قريش، وذوي الرأي فيها، كعتبة وشيبة ابني ربيعة، وأمية بن خلف، وأبي جهل بن هشام، وأبي البختري العاص بن هشام، ومما يدل على القيمة القيادية لهؤلاء القتلى في مجتمع قريش أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لسلمة بن سلامة: أي ابن أخي، أولئك الملأ (الأشراف والرؤساء) ، وذلك حين قال سلمة للمسلمين الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروحاء يهنئونه بما فتح الله عليه: ما الذي تهنئوننا به؟ إن لقينا إلا عجائز صلعا، كالبدن المعلقة فنحرناها [١٠] .. وكذلك يدل على قيمتهم القيادية أيضاً قول الأسود بن المطلب يبكي قتلى بدر [١١] :
ولولا يوم بدر لم يسودوا
ألا قد ساد بعدهم رجال
ولا شك أن مصاب قريش بملئها هؤلاء قد كان رزءاً عظيماً عليها، وقد أسهم في زج مجتمعها وأضعافه في حلبة الصراع وبين دعوة الحق.
د: الناحية العسكرية:
إن هزيمة قريش في بدر طامنت من كبريائها العسكرية، وخفضت من ثقتها بنفسها إزاء المسلمين، خصوصاً، وأن هذه الهزيمة قد نكبتها - كما ذكرنا آنفاً - بعدد كبير من ملئها، وقادتها وسادتها، وكلهم ذو مكانة في حياتها العسكرية.
وما زلت حالتها العسكرية بعد هذه النكبة بين مد وجزر ضمن اتجاه عام آخذ في الانحدار حتى بلغ حضيضه يوم جلا المشركون عن الخندق ـ وعادوا إلى بلادهم يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم"[١٢] .