وهكذا نرى أن آثار معركة بدر بقيت عالقة بكيان قريش دون أن تستطيع إزالتها، بالرغم من محاولتها الجادة وهيهات أن يستطيع الإنسان دفع شيء أنزله الله به ومن يهن الله فما له من مكرم.
ثانياً: آثار بدر في المدينة.
كان سكان المدينة المنورة لما جرت معركة بدر أربع طوائف هي: المسلمون، والمشركون والمنافقون، واليهود، واختلف وقع نتائج هذه المعركة الحاسمة باختلاف هذه الطوائف.
أ - المسلمون:
لقد فرح المسلمون بنتائج هذه المعركة فرحاً عظيماً، وازدادوا إيماناً بما هم عليه من الحق والهدى ويقيناً بأن الله سبحانه ناصر من يجاهد فيه مهما كثر العدد، وتكالبت الظروف، وارتفعت معنوياتهم ارتفاعاً ترك أثره في الأسلوب الذي يعالجون به علاقاتهم بالطوائف الأخرى التي تساكنهم المدينة، لقد كانوا قبل بدر يصبرون على ما يلاقون من أذى هذه الطوائف وتعرضها لهم ولدعوتهم بما لا ينبغي [١٨] أما بعدها فقد آن الأوان لإعمال مشرط الطبيب في إزالة العلل المستعصية، وبتر الأعضاء المريضة التي لا سبيل إلىشفائها من جسم ذلك المجتمع... ومن هنا رأيناهم يقومون بعدة عمليات بتر، منها ما يلي:
١ـ بتر أبي عفك:
كان أبو عفك شيخاً من بني عمرو بن عوف، بلغ عشرين ومائة سنة، وكان يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول الشعر في إيذاء المسلمين، والصد عن سبيل الله... وقد صبر عليه المسلمون غير أنه لم يرعو، ولم ينجح فيه سياسة الصبر والرفق، وحين لم يبق في القوس منزع، وأضحى لا بُد من بتره نذر سالم بن عمير، وهو أحد البكائين، ليقتلنه أو ليموتن دونه...