وقد كانت هذه الغزوة بعد عودته صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق والتي جرت - كما علمنا سابقاً - لخمس خلون من ذي الحجة سنة اثنتين للهجرة.. وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بقية ذي الحجة أو قريباً منها، ثم غزا نجداً يريد غطفان، فأقام في نجد صفر كله أو قريباً منه ثم عاد إلى المدينة دون أن يلقى حرباً، واستعمل على المدينة مدة غيابه عنها عثمان بن عفان رضي الله عنه [٤٤] .
(٣) غزوة بحران.
يذهب ابن هشام إلى أن هذه الغزوة أريدت بها قريش، ويذهب ابن سعد إلى أن بني سليم هم الذين كانوا هدفها، فقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعاً كبيراً منهم قد اجتمع في بحران من ناحية الفرع، فقصدهم في ثلاثمائة من أصحابه، ولما خرج من المدينة لم يبين الوجهة التي يريد، حتى إذا كان دون بحران بليلة لقي رجلا من بني سليم فأخبرهم أن القوم افترقوا، ولكن يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدقه، ولذا حبسه مع رجل من الصحابة، وسار حتى أتى بحران فألفاهم قد تفرقوا، فعاد ولم يلق كيداً.
ولما خرج صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم، وكان خروجه من المدينة عند ابن هشام في شهر ربيع الآخر، أو في شهر ربيع الأول وأقام فيها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى [٤٥] أما ابن سعد فيذهب إلى أنه خرج من المدينة لست خلون من جمادى الأولى، وإلى أنه غاب في هذه الغزوة عشر ليال [٤٦] وهكذا نرى أن ابن سعد، وابن سعد هشام يختلفان فيمن قصدوا بهذه الغزوة، وفي زمن خروجه صلى الله عليه وسلم إليها، وفي مقدار غيبته وليس هذا بضائر مادام جوهر الغزوة متفقاً عليه، وهو مباغتة الحادقين والأعداء المتربصين قبل أن يتمكنوا من القيام بأي عمل عدائي ضد الدعوة وأهلها.