وقتل فلاحاً بريئاً من الأنصار، ثم ولى الأدبار فرقا من مجرد أن يبلغ النبأ محمداً الذي جاء ليثأر منه، وطاردهم الرسول وهم أمامه كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة، لدرجة أن تخلصوا من طعام السويق الشهي، وآخر ما اخترناه مما هيَّا لأُحُد، غزوة قردة، حينما تظاهر المشركون بأن هزيمة بدر لن تحول دون رحلاتهم التجارية كما يريدون، وكانت ضربة اقتصادية موجعة تلك التي وقعت في قردة، حيث غنم المسلمون بقيادة زيد بن حارثة رضي الله عنه من العير فقط دون التجارة ما بلغ الخمس الواحد والرسول يخمسه خمسةً وعشرين ألف درهم، وكانت هذه المصيبة التي حاقت بهم كافية لأن يفيض إناء غيظهم، فكانت السبب المباشر لحرب أحد، وسنرى بعد أن ننتهي من الحديث عن الجانب الذي قصدته، كيف ظلمت هذه الغزوة ظلماً مبيناً، من كثير من الذين كتبوا عنها في الداخل أو في الخارج عمداً أو خطأ أو جهلاً، فالصورة العامة التي تنتهي منها بعد أن تقرأ ما كتبوا، هي أن معركة وقعت يوما بين المسلمين والمشركين، بدأها المسلمون بالانتصار ثم انتهت بالنصر للمشركين، ولكن الأجل من ذلك كله، هو أن يتلقف بعض الدهماء هذا، فيتحدثون بأنه لا ضير إذا هزمنا اليوم أو غداً، فقد سبق أن هزمنا في معركة قادها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، والمتحدثون بهذا إما مهانة وذلة، أو أعداء مندسون بيننا يخفون حقداً على الإباء الإسلامي وعزته، وسنحتكم فيما بعد إلى كتاب الله، لنعلم أنه سبحانه لم ينزل ستين آية في غزوة أحد لمجرد أنها بدأت بانتصار وانتهت بانهزام.