للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإخوة الأفاضل: نحن الآن في مكة وقد حشد عُبَّاد الحجارة ما لديهم من كره وحقد، بأكثر ما لديهم من عَدد وعُدد، وهكذا كان أعداؤنا وسيظلون ما بقيت الدنيا تجمع بين إسلام ولئام، إن المشركين لم يحشدوا الرجال فقط، بل خرج أكبر عدد من النساء سمع به في حرب وقتئذ، وعلى رأسهن نساء القادة، فأبو سفيان خرجت معه زوجته هند، وعكرمة خرجت معه زوجته أم حكيم، وصفوان خرجت معه زوجته برزة، وعمرو بن العاص خرجت معه ريطة زوجته، وكثيراتٌ غيرهن، والقصد واضح، فالقلوب الخاوية من الدافع لا تدفع إلا بمؤثرات حِسِّي، والمؤثر النسوي أقواها لديهم، لهذا اصطحب المشركون معهم نساءهم والقواد منهم خاصة ليحرِّضْنَهم بدناءة الشهوة (إن تقبلوا نعانق، ونفرش النمارق) . إلى آخر ما تعرفون، أما القلوب المدفوعة بالعقيدة فتأبى عار تحريض النساء، ثم عجب أن يقول لنا أهل السير أنهم شُغلوا وهم لا زالوا في مكة كيف يُقتل حمزة رضي الله عنه، فهم يعلمون تماماً أن الذي يواجه حمزة في الميدان لم يوجد بعد، فتاريخ حمزة معهم طويل فعل بهم الأفاعيل حتى قبل بدر، بل ذكروا أبياتاً قالها وهو بين أظهرهم بمكة إثر إسلامه، قالها وهو جاد وسمعوها وهم هازلون، ماذا قال:

حمدت الله حين فؤادي

إلى الإسلام والدين الحنيف

لدين جاء من رب عزيز

خبير بالعباد بهم لطيف

إذا تليت رسائله علينا

تحدر دمع ذي اللب الحصيف

رسائل جاء أحمد من هداها

بآيات مبينة الحروف

وأحمد مصطفى فينا مطاع

فلا تفشوه بالقول العنيف

فلا والله نسلمه لقوم

ولما نقض فيهم بالسيوف