للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيات قالها وجعلها حرفية التنفيذ، ولهذا استحق رضي الله عنه لقباً ما كان يجرؤ النبي نفسه أن يضيفه على عمه مع حبه الشديد له، فثابت أن كل ما حدَّث به الرسول صلى الله عليه وسلم فيه اسم الله، قرآناً أو غيره، هو من عند ربه لقوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} وكان هذا اللقب هو أسد الله، حتى بعد أن مات ناداه الرسول به، "يا حمزة يا أسد الله وأسد رسوله"، ولقد بدأت بحمزة لأن المشركين بدأوا به وهم في مكة، فأردت أن أكمل منه قصدي وليس القصة، فقصته معروفة للجميع، فأقول إن صح ما قيل عن تدبير قتل حمزة، كان من جبير بن مطعم وليس من هند بنت عتبة، وإن كانت قد فعلت بحمزة بعد قتله من الفحش ما فعلت، فقد دعا ابن مطعم عبدَه وحشياً وقال له: إن أنت قتلت حمزة بعمي طُعَيمة فأنت عتيق، وعرْضُ قتلْ حمزة على رقيق يدل على ذكاء جبان من جبير بن مطعم، فهو لن يستطيع أن يعرض قتل حمزة على أحد ولا على نفسه، ويعرف بأن الأسد حمزة لن يقبل منازلة عبد رقيق، وعرف وحشي ذلك أيضاً فقبل مطمئناً، وتم القتل بأدنى طريقة يقتل بها إنسان، لكنه إن كان وحشي قد قتل على طريقة ما يَقْتُل الأرقاء، فإن الأسد حمزة قد قتل على طريقة ما تُقْتَل الآساد، فالصياد عندما يريد اقتناص أسد، لا يظهر نفسه للأسد إطلاقاً، فلا يصطاد الليث إلا إذا اختفى وراء شجرة أو صخرة كما فعل الرقيق وحشي تماماً، لذلك كان القاتل لحمزة صياداً رعديداً، وكان المقتول حمزة أسداً غُدِرَ به، وهكذا أضفى الله على حمزة صفة الأسد يوم أن سماه ويوم أن أفناه، وكأنه في قبره في عرينه يتحفز، كيف وسيثب منه سيداً للشهداء، تلك واحدة من مخلدات أحد، والبقية تأتي.