للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن (الاتجاه العصري) أو الاقتباس عن الغرب فينقل عن المستشرق المعروف سير (هاملتون جب) تعريفه لهذا الاتجاه بأنه يغلب عليه كونه حركة فكرية عند المتعلمين ذوي الاتجاه العلماني..ثم يضيف إلى ذلك "من رأيه - المستشرق جب - أن العلمانية لم تستورد من أوربا على اعتبار أن بعض جوانبها كان يتضمنها (إسلام العصور الوسطي) ثم بعد أن مهدت الوهابية وغيرها الطريق دخلت المؤثرات العلمانية الوافدة من الغرب عن طريق العلم الغربي واقتصاد الغرب وآدابه وأثر التعليم العلماني الحديث الذي فكك البنيان الاجتماعي القديم"..والدكتور لا شك أنه يوافق (المستشرق جب) فيما ذهب إليه وإلا لعقب عليه أولما نقل عنه.

والمستشرق المذكور يذكر (العلمانية) مطلقة دون تحديد - كما هي عادة المستشرقين - في استعمال العبارات الغامضة الملتوية في حديثهم عن الإسلام والمسلمين.

فما المقصود بكلمة العلمانية هنا؟.

إن كان المقصود بها ما يتبادر منها عند الإطلاق، وهو التفسير المادي للكون، والاعتماد على العلم التجريبي ورفض ما عداه، فالإسلام يرفض هذه (العلمانية) لمنافاتها لعقيدته وشريعته ولا يمكن أن يتضمن شيئاً منها في أي عصر؛ لأن الإسلام واحد في كل العصور وليس هنا (إسلام العصور الوسطى) وإسلام غير العصور الوسطى.. نعم هناك مسلمو العصور الوسطى ومسلمو غير العصور الوسطى. ولكن يجب أن نعلم أن واقع المسلمين لا يعني الإسلام. فالإسلام هودين الله الواحد الخالد الذي أرسل به خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى الناس كافة لا يتغير ولا يتبدل مع تلاحق العصور، وتوارد الأمم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} الروم: ٣٠.