إن هذا التحريم لم يكن لهدف تخريبي كما قد يفهمه بعضهم، كما لم يكن يرمي إلى حجز المواهب الفنية والحد من نشاطها. إنما كان يهدف إلى ناحية معينة ومقصد محدد. وهو نقل الفرد المؤمن إلى حظيرة التوحيد والإسلام، وإبعاده عن كل أثر جاهلي، وصرف نظره عن كل ما يتصل بالجاهلية من أدران ومفاسد، وتنمية شعور الالتزام بالعقيدة الإسلامية وتشريعاتها. هذا من جانب ومن جانب آخر وهو الأهم، هو الحد من اتخاذ هذه الصور للشخصيات الإنسانية التي تستحق التعظيم ثم الانتهاء بعد أجيال إلى عبادتها، وقد حدث هذا في الأمم السابقة، وكنائس النصارى أكبر شاهد على هذا.
فالإسلام دين أدرك الواقع ونظر إلى المستقبل، فجاء بمنهج سليم يضمن الحال والمآل لذلك كان لباب سد الذرائع فيه أثر كبير في حفظ الكيان الإسلامي.
وقد يستغل بعض ما ذكرناه فيقول بأن التحريم كان بسبب عبادة الناس للأوثان حينما كانوا مشركين، والآن فقد آمن الناس جميعا، وبعدنا عن عهد الوثنية، إذاً فلا بقاء لحكم التحريم وفي هذا الادعاء جهل وتضليل.
فأما الجهل: فإنه على الرغم من تقدم الإنسان وعلى الرغم من حضارته المادية الغالبة في هذا الزمان فإن الكثير من البشر لا زالت عقائدهم تقوم على خرافات وأوهام باطلة، ومنها ما يقوم على عبادة الأوثان والأبقار - كما عند البوذيين والهندوسيين - ولهذا فإن عنصر الوثنية والجاهلية لا يزال موجوداً لدى بعض الفئات من البشر إلى جانب الضلالات كبير في عبادات بعضهم.