وهذا كله بخلاف العبادات، والعقائد، والتكاليف، والقصص، والمواعظ، والأمثال، وغير ذلك من شتى أمور الدين والدنيا.. مما كان محلا للدراسة والاستنتاج، والتخريج، والتأصيل، والبحث، والتنقيب.. وكان أساسا لعلوم الفقه، والتفسير، والحديث والأصول، والأخلاق، والبلاغة، والنحو، والأدب.. ذلك أن القرآن من العمق، والاتساع، والعموم، والشمول.. بما يقبل تفهم البشر له.. أياً كان مبلغهم من العلم، وبما يفي بحاجاتهم في كل عصر، ويتجاوب مع أهل البداوة في يسر، ويبهر في عمقه أهل الحضارة الذين صعدوا في سلم الرقي، وبرعوا في فنون العلم والمعرفة.
واسم القرآن نفسه مشتق من القراءة، والقراءة أدنى مفاتيح العلم للإنسان.. وللقراءة أهميتها الكبرى، في التقدم العلمي والفكري.. وما دام الإنسان يقرأ فإنه إلى نمو ثقافي رائع..
وأول ما تنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، خمس آيات.. هي قوله تعالى..: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ..
فالقراءة مفتاح العلم، والطريق الدائم للمعرفة.. لذلك كما ترى كان الأمر القرآني الأول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمرا متكررا للقراءة، وأوضحها مؤكدا ما رمى إليه من معنى وهو: العلم، والتعلم، والتعليم.. بكل ما تحمله الكلمات الثلاث في أصلها الصرفي من أبعاد خيرة، ومجالات نافعة.. [٢]