وبجانب هذا يرفض أن يقف بالعلم عند حد.. بل يفتح للإنسانية باحة ليس لها نهاية..
ولقد وضع القواعد السليمة، لوزن المعلومات، وتمييز صحيحها من زائفها. فقرر أن المسائل لا تأخذ الطابع العلمي، ولا ترقى إلى درجة المعلومات.. إلا إذا قامت عليها بينة، واستندت إلى دليل، ومن ثم كان القرآن ولا يزال ينادي دائما:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .. {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} ..
وهذه الآية الأخيرة.. تنهى عن اتباع ما لم يقم به علم يستند إلى حجة سمعية، أو رؤية بصرية، أو براهين عقلية.. وهي طرق الاستدلال التي تنحصر في العقليات، والسمعيات، والمحسوسات..
وهذا الميزان الذي وضعه القرآن دفع بالناس دفعا، إلى تلمس الأدلة، ومعرفة ما يفيد المجتمع.. قال تعالى في سورة البقرة:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ..
فأمعن الناس فكرهم في هذا الكون الفسيح، وأنعموا النظر فيما حوى من عجائب، ليستغلوا ما حواه من موارد.
وتتكرر كلمة العلم بجميع اشتقاقاتها وتصريفاتها في سور وآيات القرآن تكرارا، يكفي لتقدير منزلة العلم والعلماء..