وبهذا المطلع يلقى في قلوب الناس جميعا الرضا والاطمئنان إلى أحكامه ومبادئه ففيها ما ينفعهم ويحميهم لا ما يضرهم ويؤذيهم، ومن لطف الله سبحانه أنه يعود بعد ذلك مباشرة فيقول {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيضع العالمين بين رحمتين رحمة سابقة ورحمة لاحقة.. هذا هو مطلع القرآن وما يوحي به.
أما ختامه فهو إرشاد من الله لنا لنستعيذ به من كل ما يعكر النفوس ويهدد السلام ويثير الخصام ويفسد العلاقات.
في هذا الختام يعلمنا المولى كيف نستعيذ به من كل ما يوحي بالشر إنسيا كان أم جنيا قال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} .
هذا هو بدء القرآن وهذا هو ختامه رحمة من الله تبعد عنا الشر وتجلب لنا الخير وتهدينا إلى الصراط المستقيم فما ظنك أيها القارئ الكريم بما يتخلله من أحكام ومبادئ.. هل يمكن أن تشذ عن هذا المطلع وهذا المقطع.؟
كلا.. إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.
فإلى الذين يتهيبون الإسلام، ويتخوفون أحكامه نوجه إليهم هذه الكلمة فإن كانوا مخالفين لنا في الدين من اليهود والنصارى قلنا لهم: لا ترتاعوا واطمئنوا فالإسلام يطعمكم من جوع ويؤمنكم من خوف.
وطالعوا التاريخ يخبركم أن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فوجد يهوديا على باب مسجد يتكفف الناس.. فسأله من أنت؟ وما حالك؟ فقال:"يهودي من أهل الكتاب أسأل الحاجة والجزية والسن" فقال: "ما أنصفناك أخذنا الجزية وقت شبابك، وتركناك وقت هرمك"ثم أخذ به إلى أمين بيت مال المسلمين، إي والله إلى بيت مال المسلمين لا بيت مال اليهود. فقال عمر له:"انظر هذا وضرباءه فأعطهم ما يكفيهم وأهليهم بالمعروف".