ولكن في ذلك كله لَنُذُراً، من حقها أن تهب للمفكرين المتألمين عبراً ...
لقد حاول بعض العابثين من نزلائك يا بيروت أن يرد أسباب محنتك إلى التفاوت بين طبقاتك، كدأب المضلّلين ممن لا ينظرون إلى الحياء وأحداث التاريخ إلا من خلال الخبز.. لأن أدمغتهم قد غسلت من أثر القيم، فلم تعد تفهم القول الحكيم "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله [١] ".
هل تستطيعين أن تزعمي أنك كنت خيرا من هذا المدن التي ندّت عن سنن الله، وتجاوزت كل حد في حربها لشرائع الله؟ ...
ألم تجربي كل ألوان المعاصي التي خاضتها هذه الفواسق وأخواتها ... بل لقد أسرفت في إبداع ضروب من الانحراف عن مهيع الفضيلة لم تخطر في أخيلة أي منها ... فكيف تستغربين إذا جنيت بعض ما كنت تزرعين؟.
هل تذكرين يوم جورجينا رزق يا بيروت؟ ...
جورجينا تلك المستخدمة التي انتدبها لبنان لتمثيلها في أكبر مهزلة للدعارة العالمية، وقد راقت معالمها الجسدية قادة المهزلة فتوجوها ملكة لجمال العالم ... ثم أقبل عليها دعاة الفجور يلتقطون صورها ويستفتونها في قضية المرأة، فكان من مفاخر الحكم التي سجلت لها آنذاك: إن على الفتاة ألا تتزوج حتى تجرب الرجال.. ومع ذلك ملأت سيارات مستقبلي عودتها الشارع الموصل لمطارك حتى كادت تحول دون مرور المسافرين الجادّين.
ولم تكتفي يا بيروت بذلك التحدي للأخلاق يومئذ حتى قام رئيسك الأعلى بدعوتها إلى مأدبته، تكريما للمخلوقة التي عززت قيمة لبنان في أسواق النخاسة الدولية!.