وقد رأيت أن سعيدا أدرك أكثر العشرة المبشرين بالجنة وإن كان لم يثبت أنه روى عن أحد منهم سوى سعد بن أبي وقاص أو عمر بن الخطاب إذ سمعه وهو في صباه كما سنعرض عليك حديث الرجم في نقل الحافظ ابن حجر، وقد ادعى الحاكم في علوم الحديث أنه أدرك العشرة وسمع منهم، وهذا غير صحيح يبطله أن سعيدا ولد في خلافة عمر بلا خلاف، فكيف يسمع من أبي بكر، وقال العراقي: إنه لم يسمع من عمر على الصحيح، ثم استدرك بأن أحمد بن حنبل أثبت سماعه منه، وسترى ما يؤيد ذلك في كلام شيخ الإسلام في تهذيب التهذيب وهو يترجم له بعد أن تعلم ما نقله أيضا من أنه روى عن أبي بكر مرسلا وبقية الأربعة كذلك، وحكيم بن حزام وابن عباس وابن عمر وابن عمرو، وروى عن أبيه المسيب وأبي ذر في آخرين من الصحابة والصحابيات، وأن ابن الجوزي ادعى أنه أسند عن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وكثير غيرهم أوردهم ابن الجوزي في صفوة الصفوة، وقوله إنه أسند عن هؤلاء مما يختلف مع ما جزم به آخرون من أنه لم يسند من العشرة إلا عن سعد بن أبي وقاص لتأخر وفاته، ففي النقل اختلاف غير جوهري ولا مغير للهدف المنشود، أما شيخ الإسلام ابن حجر فإنه يقول فيما يتعلق بروايته عن عمر بطريق المباشرة، يقول وهو مغتبط بما يقول: وقد وقع لي حديث صحيح الإسناد لا مطعن فيه، وهو صريح في سماع سعيد بن المسيب من عمر، ثم روى بسنده إلى سعيد أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب على هذا المنبر يقول: "عسى أن يكون بعدي أقوام يكذبون بالرجم يقولون لا نجد الرجم في كتاب الله فلولا أن أزيد في كتاب الله ما ليس منه لكتبت أنه حق، قد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت)) ويبدو من ذلك أنه سمع عمر وتحمل عنه وهو صبي، والمحدثون لا يمنعون التحمل في مثل سنه كما هو مقرر في موضعه.