وليس في الحديث دليل على جواز كشف الوجه للمسلمة الحرة العفيفة، ولا شبه دليل، وأما شبهة بعض الناس من أهل العلم أن الوجه والكفين لو كانتا من العورة للزم سترهما، وغطاءهما في حالة الصلاة والأمر ليس كذلك، قلت: لقد سبق أن ذكرت حديثا أخرجه البخاري في الجامع الصحيح، والنسائي في السنن والإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه:"ولا تتنقب المرأة، ولا تلبس القفازين"الحديث، قلت: هذا في الحج وقد ثبت عن عائشة رضي الله تعالى عنها خلاف هذا الحكم في الحج كما أخرج الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن الكبرى، وأبو داود في السنن بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزناه كشفناه، وكذا حديث أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها، قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل الإحرام، وقال الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في التلخيص، قلت: إذا أمعنت النظر في هذه النصوص، وأنصفت فسوف يظهر لك الحق واضحا جليا إن شاء الله تعالى وهكذا الأمر والشأن في الصلاة تماما فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تكشف وجهها في الصلاة أمام الرجال، وأما إذا صلت مع النساء بعيدة عن الرجال فلا بأس أن تصلي وهي كاشفة الوجه والأمر في ذلك سهل ميسور بحمد الله تعالى.
وأما قول سيد قطب رحمه الله تعالى:"هؤلاء كلهم-أي الذين ذكروا في الآية- ما عدا الأزواج ليس عليهم، ولا على المرأة جناح أن يروا منها، إلى ما تحت السرة إلى الركبة، لانتفاء الفتنة التي من أجلها كان الستر والغطاء، فأما الزوج فله رؤية كل جسدها بلا استثناء"[٥٣] .