وإذا تعمقنا الأحداث الكبرى التي جرت في ((تاريخنا المعاصر)) ودققنا في اكتشاف دوافعها وبواعثها وجدناها إسلامية، فمن نشوء الكيان السنوسي في ليبيا الذي أبلى بلاءه المعروف في مقارعة الاستعمار الإيطالي إلى قيام الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبد العزيز رحمه الله إلى الثورات التحررية في العالم الإسلامي كالثورة السورية سنة ١٩٢٥، والثورة الجزائرية ١٩٥٤، والحركات الاستقلالية في المغرب.. التي انتهت باستقلاله إلى نشوء دولة باكستان إلى استنهاض الزعماء مشاعر الأمة في حرب رمضان ١٣٩٣هـ (تشرين الأول ١٩٧٤مـ) .
فالدوافع والبواعث التي كانت تحرك الجماهير في هذه الأحداث تحريكا رئيسيا إنما كانت إسلامية.
وإذا سلمنا بسداد هذا الاصطلاح فماذا نقول في الإمبراطورية المغولية الإسلامية التي ظهرت في شبه القارة الباكندية (١٥٢٦-١٨٥٧مـ) والتي عرفت مثل الإمبراطور محي الدين أورنكزيب (١٠٦٨-١١٩؟ هـ-١٦٥٧-١٧٠٧مـ) الذي يلحقه بعضهم تديناً، وكفاية، وعزيمة، وتنظيما بالخلفاء الراشدين، بل ماذا نقول في التجديد الكبير الذي قاده المحمدان: محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر؟ أفنجعل ذلك كله خارج التاريخ الإسلامي؟!
والحق أن الإسلام ما زال أكبر محرك يستطيع أن يؤثر في سير التاريخ ((المعاصر)) في العالم الإسلامي، برغم جميع المخططات والجهود الجبارة، والتي بذلت وتبذل –كما قلنا- لإبطال فعاليته، وعلى ذلك فتاريخنا كله هو تاريخي إسلامي، ولكنه مرَّ ويمر في مراحل يقترب في بعضها من حيث التطبيق- من الإسلام، ويزور في بعضها الآخر عنه، ولكنه لا يتنقل إلى سواه البتة برغم جميع المخططات والجهود المشار إليها...