للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتاريخ الإسلامي هو ثمرة العقيدة الإسلامية بكل خصائصها ومقوماتها وإشعاعاتها وقدرتها على صياغة الإنسان والمجتمع صياغة متميزة متفوقة، ولا تستقيم دراسته ولا كتابته، كما لا يستقيم تعليله إلا من خلال هذه العقيدة ذاتها...وهذه النقطة هي محور الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين الذين يريدون تقسيم تاريخنا وتعليله على أسس تنافي جوهره وطبيعته الذاتية...

وأنا لا ألومهم بمقدار ما ألوم الإسلاميين الذين طالما أغمضوا العين عن العناية الجادة بالتاريخ هذه المادة التوجيهية العظيمة الفعالة، ولكن ما يزال هناك مجال للاستدراك.

لقد آن الأوان لأن ننظر إلى التاريخ النظرة الجدية التي يستحقها، وأن نؤمن بأنه ليس مجرد حكايات كحكايات العجائز في ليالي الشتاء الطويلة!!

هذا ولا بد لمن يريد الاشتغال بالتأريخ من أن تتوفر فيه مؤهلات هامة فطرية وكسبية، أشرنا إليها فيما سلف...

إن تاريخنا الإسلامي يحتاج إلى كتابة جديدة، وتفسير جديد في ضوء العقيدة الإسلامية كما جاءت في الكتاب والسنة، وكما تحققت في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وحياة أصحابه، وفي العهود التالية المتفرقة التي ائتمت بهاتين الحياتين المثاليتين، كعهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله... بحيث تكون هذه الكتابة، وهذا التفسير متحررين من الأفكار المبترة، ومن الاتجاهات التي يريد الآخرون أن يفرضونها عليه لتحريف ((الشخصية الإسلامية)) ، وتفريغها من محتواها الأصيل...

لقد أورثتنا جهود سلفنا في حقل التاريخ ثورة علمية تاريخية لا أحسب أن أمة من الأمم الأخرى في القديم أو الحديث قد حظيت بمثلها.. والواجب علينا الآن أن نكمل جهود ذلكم السلف البر العظيم، فنخدم تاريخنا خدمة جادة حسب الظروف والمقتضيات التي تواجهنا.