ولعمر الله لا يرمي العربية بالعجز لسبب من ذلك إلا جاهل لا يفرق بين الأصل والفرع، ولا يحسن تجاوز الظواهر إلا ما وراءها، أو مدخول النية لا يقصد إلى غير التضليل.
العرب المقصرون لا العربية:
لقد أثبتت العربية قدرتها الخارقة على الاستجابة لكل طارئ مهما دق وأمعن في الخفاء.. وحسبها حجة على ذلك اتساعها لكلمات الله التي تنفذ دونها البحار، ثم استجابتها لدواعي المدنية التي أظلت نصف البسيطة، واستوعبت كل مفهومات الأمم التي اختزنت تراث الإنسانية في ميادين المعرفة السابقة للإسلام.. فإذا تعثر أهلها فيما بعد حتى وقفوا عند حدود الاجترار لما ورثوا كان ظلما أي ظلم أن تتهم العربية بالعقم لأن مثلهم ومثلها كشأن إنسان يملك الملايين ولكنه لا يستعمل منها سوى القروش، على حين نرى فقيرا إلى جانبه لا يملك سوى القروش، ولكنه بنشاطه وخبرته يحرك بها السوق..
فمن المسئول عن تعطيل الملايين، وإلى من يعود الفضل في تحريك القروش وتمكينها من التأثير الكبير؟ أجل.. إن مظاهر القصور في لغتنا ليس إلا توكيدا للقصور في نشاطنا.
وأول سؤال يتبادر إلى الذهن بإزاء هذا الواقع الكئيب هو على من تقع تبعة هذا التخلف العقلي والعملي؟.. وما السبيل إلى تداركه وتحويله؟..
وهنا نتذكر التقويم الفكري الذي صوره الكاتب الإسلامي الكبير المرحوم مالك ابن نبي بما مؤداه: إننا أمة خرجت من الحضارة.. وبهرها تقدم عدوها، فلم تفعل شيئا سوى الإعجاب بمصنوعاته ثم الخضوع لكل مؤشراته..