هذا الخبر ذكرني بمثل له نشرته صحف ذلك البلد من قبل، وخلاصته أن عشرات البعثات الدراسية التي وجهت إلى الغرب، قد خصص خمس بالمائة منها للعلوم العملية كالطب والهندسة والتكنولوجية، ووزعت الأخريات كلها على العلوم النظرية والفنية وما يسمى بالعلوم الإنسانية! ..
وتقول هذه الصحف إن عشرات الآلاف من الطالبات لم تتسع لهن جامعات القطر، فأحيل معظمهن إلى إلى معاهد لتخريج السكرتيرات! وما ندري كم هؤلاء الفتيات قد ألحقن بمعاهد الرقص والفنون الترفيهية!.. ولا غرو فهناك معهد لرقص الباليه يحمل المتخرج فيه شهادة البكالوريوس [١] ومعاهد للفنون والموسيقى على هذا المستوى أيضا.. وقبل ذلك احتفت بعض الصحف العربية بفتى يماني حصل على دكتوراه في الغناء الصنعاني... الذي لم يعد لليمن من حاجة إلى غيره لاستكمال بنيانها المتهدم!..
ما أحسب مفكرا يتردد في الحكم بأن تصرفا كهذا يتوقف عليه مصير الأمة لا يمكن أن يحدث اعتباطا ودون تخطيط يقصد به إلى استبقائها في هوة التخلف، ومع ذلك نتساءل: لماذا نظل حيث نحن نراوح مكاننا، ولماذا تظل لغتنا مقصرة عن اللحاق بعالم الإبداعات الذي لم ندخل أبوابه بعد!..
فمن الذي حال حتى اليوم بيننا وبين التقدم الصحيح؟!.
ومن الذي منعنا حتى الساعة من إقامة المصانع الكبرى، ونحن الذين لا نعلم سبيلا لتشغيل فوائض أموالنا إلا عن طريق أعدائنا!.. ولا نعرف طريقا للانتفاع من خاماتنا المستوعبة لكل حاجات الصناعات إلا تسليمها بأرخص الأثمان لأولئك الذين يبيعوننا إياها مع أسمائها الأعجمية الجديدة بأرفع الأثمان! من وراء هذا التصرف الأحمق؟ ... من وراء هذا التخطيط المدمر!..