للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما بعثاتنا الموجهة إلى الدراسات الأدبية والفنية وما يسمونه بالعلوم الإنسانية.. فهي هي التي تتولى اليوم تدمير حصوننا من الداخل إلا من رحم الله ... إن كل ما تعلّمه هؤلاء ويتعلمونه لا يعدو نطاق التقديس لكل ما نبت في دنيا الغرب من نظريات يكذب بعضها بعضا، ويسخر بعضها من بعض.. وهاهي ذي حصائد علومها نجنيها كفرا بقيمنا وطعنا في ديننا وشتما لأسلافنا وتنكرا لرسالتنا واستهزاء بلغتنا وأدبنا.

ولا عجب فإن القيم الروحية والمثل العليا التي تصور علائق الإنسان بالكون والحياة إنما هي من الخواص التي لا تجتلب من الخارج إلا إذا أريد اقتلاع الأمة من جذورها وسلخها من مقوماتها ... بخلاف العلوم الرياضية التي لا سلطان لها على السلوك الروحي فهي حق مشاع لكل أمة ولكل فرد، يأخذ منها المعوز ويعطي منها المليء.. فتظل أبدا بين الأخذ والعطاء دون غضاضة ولا منّ.. إنها حصيلة الجهد البشري كله، فالانتفاع بها حق كالجنس كله.

أليس من الطرائف المضحكة المبكية أن ترى حامل دكتوراه في الخدمة الاجتماعية من أميركة مثلا، لا يكاد يعرف شيئا عن هذا المرفق الهام في أنظمة الإسلام، وهو الذي يملأ حيزا كبيرا من فقه القرآن والسنة تحت عنوان الحسبة والحبوس الخيرية ونحوهما.. ولو هو قد درس بيئته المحلية على الطبيعة لواجهته بقايا الآثار الكثيرة لألوان الخدمات الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، والتكافل الاجتماعي مما لم يصل إلى أقله تفكير كبار المفكرين الغربيين حتى اليوم!..

أوليس من الطرائف الغريبة أيضا أن تلقى امرءا يحمل أعلى المؤهلات من هناك وهنالك في التربية وعلم النفس ويكاد يعرف كل شيء عن ديوي وهربرت ومونتاني.. ثم لم يسمع شيئا عن ابن مسكويه والغزالي وابن جماعة وابن خلدون والقابسي في هذا المضمار!..

أفكار مستوردة: