للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بقي على أن أدلي بما أحسبه وسائل صالحة لخدمة هذه اللغة الحبيبة، وإعطائها ما تستحقه من الرعاية لغة شرفها الله بكلامه، وأنزل بها خاتم رسالاته، وجمع بها أشتات العرب في وحدة خالدة بعد أن كانت مزقا متباينة، فوطأ لها بكل أولئك طريق القيادة العالمية ... وطبيعي أن يكون في مقدمة هذه الوسائل التنويه بدور الجامعات العربية والإسلامية في هذه السبيل، لأنها مراكز التوجيه الكبرى للعقل والضمير واللسان، فلديها من الإمكانات ما يتيح لها أن تصنع الأعاجيب.

وأول ما نتطلع إليه من جهود هذه الجامعات هو اتخاذ العربية لغة التدريس في سائر موادها وكلياتها خارج نطاق اللغات الأجنبية، وهو الأمر الذي عليه أكدت مقررات المؤتمرات العلمية العربية في مختلف المناسبات وسبق إلى تنفيذه بعض الجامعات العربية بنجاح كبير، على أن بعض الجامعات الأخرى لا تزال تتردد في قبوله تحت ضغط المستغربين، الذين خيل لهم جهلهم بلغة العرب أنها عاجزة عن مجاراة التطورات المستمرة، في حين أثبتت جامعة دمشق التي سبقت إلى تعريب هذه المادة منذ عهد الانتداب الفرنسي أن العربية أوسع صدرا مما يظنون إذ حققت شأوا بعيدا من النجاح يصلح أن يتخذ أسوة في سائر ديار العرب.. وعلى قدر إيمان هذه الجامعات بحق العربية عليها سيكون اهتمامها باستعمالها في قاعات الدرس، بحيث يكون التزام الفصحى قانونا لا يتساهل بالخروج عليه فلا يسمح لمدرس أن يعمد إلى لغته السوقية بأي حال حفاظا على كرامة الفصحى، وتدريبا لألسنة الطلاب على إلفها، وإنقاذا لهم من التشويش الذي يحدثه اختلاف لهجات المدرسين ولغاتهم المحلية، ولاسيما إذا كانوا وافدين من أقطار عربية متعددة..