وحق القرآن ولغته ليس مقصورا على بلاد العرب وحدها وإن تكن الأحق برعايته من بين سائر البلاد، إنما القرآن مرجع أمة تنتشر في قارات العالم، ويضطرب في مئات ملايينها الإحصاء، وهي تتطلع إلى كل حرف من لغة القرآن متلهفة إلى نطقه وفهمه، وقد بلونا الكثيرين من أبناء هذه الشعوب الغريبة عن العربية، فإذا هم أشد حماسة لها من أبنائها، بل لا أغالي إذا قلت إنهم أكثر إقبالا على دراستها وأوفر إتقانا لقواعدها من العرب أنفسهم.. وما أسعدهم بإخوتهم بل أساتيذهم أبناء الضاد لو بذلوا لهم ما يستحقونه من العون لدراسة هذا اللسان الحبيب..
ولعمر الله إنه لعجب من العجب أن نرى أمم الغرب ترصد في ميزانياتها القناطير المقنطرة من الأموال لنشر ألسنتها بين شعوب الإسلام، وتعقد الدورات السنوية لتدريب المتخصصين لتدريسها في كل مكان، وتبذل الجهود الجبارة لابتداع الوسائل الكفيلة بتيسيرها بأحدث وسائل الإعلام.. على حين تقف الحكومات العربية مكتوفة اليدين أمام حاجة هؤلاء الأخوة إلى لغتها، وهم حلفاؤها الطبيعيون في كل مأزق عالمي.. وهي التي ينفق بعضها من الكنوز على أتفه الأشياء ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة.. ولو أن كل حكومة عربية رصدت خمسة في المائة من ميزانيتها على نشر العربية في أوساط الشعوب الإسلامية لعدت مقصرة، لما يتوقف على هذا المرفق من مصالح سياسية تتجاوز حدود التخمين..