دعوني أذكركم أيها الإخوة الأفاضل بمأساة باكستان القريبة.. لما لها من صلة بموضوع اللغة، لقد كانت هذه الدولة هبة الإسلام، كما صرح أول رئيس لوزرائها لياقات علي خان.. ولكنها لم تستمر سوى القليل من السنين حتى انشقت إلى دولتين لكل منهما لغتها، ولا تزال المخاطر تهدد الأصلي من شقيها بضروب من الانقسام الذي يمهد له تعدد اللغات، إلى جانب الأسباب الاجتماعية والسياسية الأخرى، ولقد لاحظ أحد زعماء باكستان منذ أيامها الأولى مطالع الفتنة التي تتمخض بها الأحداث بسبب اختلاف الألسنة بين سكانها.. فراح يحذر أمته من مخاطر المستقبل إذا هي استمرت في تجاهلها لمشاكل اللغات المتنازعة في باكستان.. وكان مما قاله يومئذ:(إن البنغاليين لن يرضوا سيادة الأوردية، ولا السندية براضية عن سيادتهما.. ولكن هؤلاء جميعا مستعدون للتنازل عن كل حقوقهم في السيادة للغة للقرآن، لأنها لغة دينهم ولسان نبيهم، ولن يكلفنا تمكين العربية من ألسنة الأمة الباكستانية أكثر من ربع قرن إذا نحن أسرعنا إلى وضع التخطيط المساعد لتحقيق هذه الغاية) ، ولكن صيحة الآغاخان الجدّ هذه لم تبلغ آذان المسئولين يومذاك لانشغالهم عنها بالتنافس على السلطان.. حتى انتهى الأمر إلى ما نشاهده اليوم من بنغلادش وباكستان.. وما لا يعلمه إلا الله في قابل الزمان.. ولئن فاتت العرب فرصة الأمس فما زالت أمامهم فرص في باكستان وبنغلادش والأفغان وفارس وأندنوسية وتايلاند وماليزية والعشرات من مناطق أفريقية المسلمة، لقد وضع الله في أيديهم مفاتيح الدنيا بما يملكونه من الذهب الأسود، ولو هم أجمعوا أمرهم على نشر دينهم ولغتهم في جماهير المسلمين على الأقل لما وجدوا حتى من الحكام غير المسلمين من يحول دون إرادتهم، بل لألفوا أبواب الأرض مفتوحة لهم على مصاريعها، ولو لم يكن ذلك بدافع الحب للإسلام ولغة الإسلام، لكان بدافع الحفاظ على مصالحهم في نفطهم وأموالهم ... ولعل كثيرين غيري