أول ما يتراءى لنا هنا هو تباين المستويات والنزعات والروافد التي من شأنها أن تصنع هذه الاتجاهات.. وأكثر هذه المواطن اتصالا بحضارة العالم الصناعي أشدها تحركا في نطاق الفكر والإنتاج الأدبي.. وأوفرها تفاعلا مع التيارات الغازية التي تكاد تغطي على أصالة الشخصية العربية حتى في نطاق التعبير الذي بات مثقلا بالمصطلحات المقحمة والصور البيانية الغريبة، والأساليب المهزوزة..
وكان للاستعمار الغربي آثاره العميقة في صبغ هذا الإنتاج إذ تركت لغة كل مستعمر طابعها على أدب الجيل الناشئ في ظلها ...
ولقد بدأت النهضة الأدبية في القرن الماضي أصيلة الطابع إلى حدّ بعيد، إذ كانت ثورة إحياء للغة والأساليب والتراث، ثم أعقبت ذلك ثورة التغريب في مناهج التعليم، فكانت الطامة التي خربت مراكز الثقل في الشخصية الإسلامية إذ أبعدت التعليم كليا عن سلطان القرآن الذي كان المنطلق الأول والأكبر لكل حركة ثقافية في العالم الإسلامي غير منازع، فبات معزول الأثر عن البصر والفكر، لا يعدو أن يكون كأقل مادة دراسية حظا من العناية والتأثير خارج هذه المملكة، حتى أن بعض الأقطار العربية قد ألغت قيمته التأثيرية نهائيا، بجعلها مادة التربية الدينية غير ذات أثر في معادلات القبول للدراسة الجامعية ...