على أن من الغفلة أو الجهل أن ننسى تلك الفئة العملاقة من حملة القلم الإسلامي الذين حفظوا للأدب العربي الأصيل جانبه المشرق.. وقد تتابعوا على خدمة الكلمة المؤمنة جيلا يقفو جيلا، وما زالوا ولله الحمد، يزودون القراء بالغذاء الدسم المستمد من مائدة القرآن، حتى لكأن التاريخ يعيد اليوم ما شهده في عصور العباسيين من تدفق الفكر الدخيل الذي استهوى كثيرين فانساقوا في تجاربه يتفلسفون ويتصوفون ويتمنطقون ويتزندقون، ويشغلون العقل المسلم بالمناقضات من الحقائق والأباطيل، فكان أن نهض لغربلة هذه الأخلاط رجال أضاء الله قلوبهم بنور القرآن فثبتوا في وجه الأعاصير حتى أعلى بهم كلمته وأقام على المضلِّلين والمضلَّلين حجته ...
وهاهي ذي المعركة ما تفتأ على أشدها بين الأصالة والتزوير.. وإنها لمعركة متعددة الجبهات، متنافسة الأسلحة يخوضها الفكر المسلم بالبيان القرآني المتألق، يخترق بأشعته الهادية ضباب التهريج، فيغنم كل يوم مساحة جديدة، ويكسب في كل مناسبة مؤمنين جددا يستردون في أضوائه حقيقتهم الضائعة.