للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطبيعي أن الأدب الذي تجب نصرته هو هذا الذي ينبع من معين الإسلام إيمانا بالحق، وتصورا للجمال، ودعوة إلى الخير، ولكن نصرة هذا الضرب من الأدب لا يمكن أن تؤتى أكلها إلا في جو من التوعية العميقة في أوساط القراء وهي مهمة ضخمة تقتضي تعبئة عامة في مجال الإعلام والتعليم جميعا، فينحّى عن دفة التوجيه الإعلامي كل ذي فكر لقيط وثقافة مدخولة لا تصلح للانصهار في قيمنا الأصيلة.. وبذلك تتوافر على هذا المرفق الخطير الأيدي النظيفة التي ستعيد للكلمة المسلمة حق المرور إلى القلوب والأسماع بكل الوسائل الجمالية ... ثم تأتي الخطوة التالية من التوعية في ميدان التعليم، وهذه تنحصر في تحرير إرادتنا من التبعية لموحيات الفكر الغربي، الذي عبث بنا طويلا حتى كاد يسلخنا نهائيا من خصائصنا الذاتية، ويجعل من شبابنا المتعلم مجموعة من الإمّعات لا تسمع إلا بإذنه، ولا تبصر إلا من وراء نظاراته.

إن التوعية التي نريدها في ميدان التعليم تتطلب جرأة فائقة تخلص مناهجنا من التقليد الذي يكاد يحصر مهمة المدرسة والجامعة في حدود مكافحة الأمية الفطرية لينقل أبناءنا إلى أمية أخرى هي أمية الجهل بدينهم وتاريخهم وأنفسهم، وإنه لضرب من الجهل عجيب يشحن الرؤوس بأكداس المعلومات الممزقة دون أن يمكن لقدراتنا الذاتية من العمل الذي يجعل للحياة أي قيمة، لأن غرضه المخطط من وراءه هو إعداد جيل يصلح للاستهلاك دون الإنتاج ... وحين تتحقق أمنية التوعية هذه فستكون لدينا المناهج التي تساعد الإنسان العربي بل المسلم، على أن يكون الروح التي تكافح لبلوغ مثل أدبي عال، وتبحث عن النور في الظلمات، وتسير قدما في الطريق الذي يكشف لها الأساس غير المنظور لهذا العالم كما يقول مؤلف الإنسان ذلك المجهول.