للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن من حق البحث علينا أن نتساءل عن الغاية من حركة مكافحة الأمية في أوساط المسلمين خاصة.. لا شك أن سؤالا كهذا من شأنه أن يبعث الدهشة أو الضحك لأن جوابه من أقرب البديهيات، فالمشروع قائم على قدم وساق في كل مكان، وقد أجمعت عليه البشرية كلها ممثلة في هيئة الأمم ومؤسساتها الثقافية، وتتسابق الدول على اختلافها لتسجيل الأرقام القياسية في هذا الميدان.. ومع ذلك يأتي من يسأل عن غايته وأغراضه؟ ولكن كثيرا من الأمور التي تظن من البديهيات يتعذر على المفكر إيضاحها، وليس موضوعنا هذا إلا واحدا من هذه البديهيات.

إن وراء حملة مكافحة الأمية في العالم أهدافا شتى.. فهي كما تستهدف تأهيل الإنسان الأمي لتحسين واقعه، وتوسيع آفاق حياته، بالاطلاع على ما كان محجوبا عنه من عوالم الوحي، والاستمتاع بثمرات الفكر المبدع للحضارات.. كذلك وراءه الأصابع التي تريد اقتلاعه من عالم الفطرة، لتقذف به في تيه المغويات الشيطانية.. أجل أيها الإخوة الأعزة إن مشروع مكافحة الأمية سلاح ذو حدين، ففيه الإعداد للخير الكبير الذي يريده الإسلام وأهله، وفيه كذلك التحضير لشيوع الفساد المدمر لهناءة الإنسان.. والمؤسف أن وسائل الشر المتربصة خلف هذا المشروع أقوى وأرقى وأكبر فاعلية من وسائل الخير.