للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا اكتفينا من هذه المهمة بتمكين الأمي من فك الحرف دون أن نزوده بالمقومات التي تصونه من السقوط في حبائل الشياطين، فمعنى ذلك أننا حررناه من أمية الفطرة لنسلمه لقمة سائغة لأمية أخرى هي أخطر عليه وعلى مجتمعه وعلى البشرية من الجهل، وأمامنا نماذج لا تحصى من أولئك الذين عبدت لهم الطرق إلى أعلى الشهادات، فكانوا كما وصف الله زملاء لهم سابقين بقوله الحكيم: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً..} ، أو كما قال سبحانه في عالم إسرائيلي اشترى بآيات الله ثمنا قليلا: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (٧-١٤٧) .

وهل أنا بحاجة للإشارة إلى هؤلاء المساكين الذين اجتالهم الشيطان، فاتخذوا من ألقابهم العلمية الوهمية ذريعة للطعن على دين الله، فراحوا يعقدون المؤتمرات للدعوة إلى تهديم ما بناه الله! أجل.. أجل إنها أمية جديدة تتبجح بالشهادات ولا مندوحة لحماية الناس، ولاسيما أولئك الذين فارقوا الأمية من مخاطر دعواتهم الخبيثة رحمة بأمتنا وبإخوتنا.. وبإنسانيتنا على الأقل، ومن لهذه المهمة الضخمة سوى معاقل العلم العالية، تسهم في إعداد الحصانة اللازمة لهؤلاء الوافدين على العلم!.

وإنها لأعباء ثقيلة.. ولكنها جديرة بعاتق الجامعات العربية، ولاسيما في هذه المملكة الناهضة، وفي عصر التيارات الفكرية المتضاربة.

ورطة لابد من علاجها: